عرفة .. طريق إلى المعرفة

في الحقيقة أنا لا أعرف، لكن سأحاول أن أعرف. سأحاول أن أقف على ما أعرف قبل أن أقف يوما ما على "عرفة"، و قبل أن أقف يوما ما بين يديه ..

يأتي "عرفة" حاملا في حضنه الدافئ زادا وفيرا للأفهام. يأتي ليقول لنا أن الطريق لا تمهّد بغير معرفة. يأتي لأستيقظ من جهل و أفرك عينيا علِّيَّ أعرف، و كم أرجو أن أعرف قبل أن يزول خطوي من أرض العمر دونما أثرِ..

" و ما المعرفة ؟" سألته.

"إذا أردت أن تشرب من عين المعرفة فأصدق نفسك أوّلا. سر إليها. لا تجزع من وعورة الطريق.  قف معها. اسمع صوت أعماقك و كفّ عن إخراس تلك الأصوات التي لا تعجبك، فلتواجها بصدق و شجاعة ! حتّى تعانق نور المعرفة يلزمك مخاض. نعم، العارفون ما كانوا ليعرفوا لولا الحمل الثقيل الذي صبروا عليه، ما كانوا ليعرفوا دونما أوجاع و آلام.. المعرفة تولد من رحم الإرادة. و الوعي ابن المعرفة. أن تعرف يعني أن يتكوّن لديك وعي بذاتك و مكانتها و امتدادها و دورها في إحياء ما حولها."

"و كيف أعرف أنني عرفتني؟ كيف أعرف أن ما وصلت إيه ليس وهما؟ "

"المعرفة عدوّ الكِبر، و المعرفة أن لا تلتفت فملتفت لا يصل. لا تلتفت لذاتك و تعجب بهامة العلم فيك. بل اسع كل عمرك حتّى إذا ما انتهت رحلتك تركت زمزما متفجّرا يروي عطش من بعدك. المعرفة هي أن لا تلعن ليلا ديجورا بل أن تحاول أن تستجمع وقودك حتّى تضيء، المعرفة أن تكون السراج في الطريق و لا تسأل أين السراج.. المعرفة هي أن تروم الصعود رغم المشاق و لا تهزمك الأرائك الوثيرة و الستائر الحريرية و الدفئ الناعم.. المعرفة هي السؤال الذي يفتح أبواب عقلك. المعرفة ليست إجابة تريحك فتركن.. المعرفة أن يكون الوصول إلى ذاتك نقطة البداية في طريق فهم الكون حولك. العارفون من ينظرون الورد رغم الأشواك. العارفون يحلمون فلا يهزمهم الوهم، بل يُدركون خصائص التربة فيحسنون اختيار البذور.. العارفون يدركون أنّ الطريق طويل و أنّ الكَبَد قطعة من المسير و أنّ الوصول ليس هناك بل (إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)  .."

..

حوار لم ينته

و معان لم تنضج

و معرفة لم تكتمل بعد !

..

09 ذي الحجة 1436 - 23-06-2015