الجمعة، 25 ديسمبر 2015

حول استقبال العام الجديد


يلملم العام أيامه الأخيرة و يستعدّ للرحيل فيحرّك فينا أحداثه التي سكّن ضجيجها المسير. تتحرّك الحكايات الراكدة في الأعماق فتثير في النفس مرارة و مرّة أخرى حلاوة.
إنّ أدهش الأمور التي يمكن أن يكتسبها المرء هو العيش في سلام داخليّ. هذا السلام يتحقّق عندما ينظر المرء فلاحَهُ في الإرتقاء بذاته و تقويمها بعيدا عن تصيّد أخطاء الآخرين أو الإصرار أنّ الخطأ كامن فيهم دونه. إنّ ما يلحقُ بنا من أذيّة -و لو كان سببه آخر خاذل أو خائن أو غادر أو غاصب- لا يجب أن يقف حاجزا قاتما يحول دون ابصارنا حجم النور في الآفاق الفسيحة و فُرص الجمال المتاحة في هذه الحياة.
إنّ أبرز ما تحقّق لي في هذا العام هو أنّي سلكت شوطا في طريق التحرّر من الأشياء المُوجعة صغيرة أو كبيرة، حيث أتدرّبُ على أن لا أُبقِي في القلب حيِّزًا لأمور أو أشخاص من شأنها أن تُعِيقُ خطوي في طريق السعي. لن نتخلّص من هذه الأمور/الأشخاص إلّا إذا صمّمنا على المسير و لم نقبع مُسلّمين مُستسلمين بل نحاوِلُ بكلّ ما أوتينا من إرادة للحياة أن نشقّ أفقا آخر لأحلامنا التي وقودها الرُوح.
من نْعمِ الله علينا أن يُذيقنا معنى العفو الجميل. لله ما أحلى أن يفرغ القلب من كلّ غضب و يعمُرَ براحًا ! و هذا ممّا عرفتُ فيي هذا العام، حتّى وجدتني أمتلئ هدوءً و امتنانا لكلّ ما مضى؛ امتنان للأيّام السيّية و الصعبة قبل مثيلاتها السعيدة. إنّ الوقوف بهدوء نصب ما مضى يجعلنا نبتسم للحظة جميلة عِشناها و إن انتهت فهي قد زادت انسانيّتنا ثراءً. إنّ كلّ أمر مرّ في حياتنا ليس عبثا بل هو زادٌ، و لو كان فصلا قاحطًا فهو يُعلّمنا كيف نتصرّف مع زمن شحيح و موقف صلد. عندئذ تكون الممارسة الفعليّة لما قُلنا من كلام منمّق عن الصّبر، وقتئذ نختبر صدقنا و ثباتنا..
إنّ الوقوف على حافّة عام لهي فُرصة للتفكّر أنّ كلّ أمر آيِلٌ إلى انتهاء و أنّ ما يبقى هو عُصارةٌ تسقينا لنزداد نضجا و تبصّرا أمام احتمالات جديدة.. إنّ نهاية عام هي انطلاق نحو زمن جديد يبسط فرصه أمامنا لنغتنم منها بكلّ ما أوتينا من سابقِه من تجربة و دروس و طموحات و أحلام..

..
الحامة
25-12-2015
22.30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...