الأربعاء، 15 يونيو 2016

حنين ..



قلتُ لك يومها:

- الحنين إلى ما مضى من تجارب الحياة جميلٌ. يُدغدغُ الرُوح التي ما لبثت تهتمّ بالتفاصيل تبحث فيها عن طعمِ الحياة.

رفعت عينيك الممتلئتين بكلِمٍ أتوق اصغاءه أزمنة من الانتظار، حتّى تأتي نظرتك بعد صبر كاد يجفّ  لتُغنيني عن بحر الأبجديّة الذي ينفد و لا ينفد معناك الذي يدثّرني عمرا. ثمّ قلت:

- أنّى لذرّات الحنين أن يجدن متّسعا إذا أمتلء حاضرك بالأسئلة المُلحّة التي تنتظرُ إجابة و تطلب أفعالا متوازنة لا تُربكها نوافذ مشرّعة عن زمان فات و لم يكن جديرا أن يلد اليوم و غدا.
طيّبٌ أن نثمّنَ ما كان و أن نفخَرَبه خاصّة لو كان زاخرا بالدهشة و الصدق و النقاء و التطلّع للارتقاء. لكنّي ما أخشاه عليك هو ذاك الحنين الذي يسرقُ سعادتك الآنية حيث تمرّ نصب ناظريك و لا تُبصرينها، يملئ عبقها الأجواء و لا تستنشقينها. خوفي عليك من حنين يسوّف أعمالا تنتظر عزمك فتجده راكنا إلى التأسّي على ما ضاع منك من جمال أو آيسا من مُلاقاته بعد آذان الفراق..

أردفتُ مسرعة في الإجابة أخشى عن معناي الحياد عن نبعه الصافي:

- لكنّه حنين بريء من الأغلال مُحرّرٌ من الأسى! أنا لا أرجو إستعادة ما فات بتفاصيله و لا أفكّرُ في طريق تلحمُ جسرا تكسّر و لا أفتّش عن أجوبة لمواضيع لم يعد بالإمكان تبديل مجراها.. أنا أبحث في الحنين عن الجمال و الدهشة و النقاء، أن أبحث عن معنى "لكي لا تأسوا على ما فاتكم". أنا أريدُ ذاتًا محرّرة من الأسى و الندم تنظر الحكمة من خلال جمال ما عاشت.. الحنين الذي يُراودني له جناحان يُطلّان على غد أجمل، غد قد شُفيت فيه الأرواح من جراحاتها و قويت على البداية بنفس غيرُ مثقلٍ بالحَزن..
لن يُقعدني الحنين عن نثر حَبِّ الحياة في لحظاتي الراهنة، بل ليكن نافذة أستنشق منها عبق الأشواق التي تُبقي هذا القلب نابضا يضخّ المحبّة: وقود الحياة. الحنينُ ابتهال لطيف لن يودي بي أن أكفُرَ  بالمحبّة يوما من الأيّام. بل سأبقى على عهدي معها حتّى يتفتّح بها كلّ ما حولي و يضحك..

تهلّل وجهك ابتساما يدرّ معان متفتّحاتٍ لا حدود لها و قلت بثقة لا تغادرك:

- أثق أن شمس حنينك لن تحرقك ما دمت صادقة متصالحة مع إرادة الخالق الحكيم.. حنينك سيبقى نسيما عَليلا متى تحرّرت من عِلل النفس التي تزرعك خوفا مما سيكون و  تُنمّي تعلّقك بتلابيب الماضي..
..


تونس - لافيات
14-06-2016
س 00.40

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...