السبت، 2 يناير 2016

من وحي دورة التدريب في التخطيط


طلب منّا المدرّب أن نكتب نجاحاتنا على الكرّاس. لم يكن تمرينا يسيرا بالمرّة أن تهمّ بنكث ذاكرتك باحثا عن تلك الأحداث التي ارتفعت بها درجة أو تقدّمت بها خطوة. لكن ماذا عن تلك الأحداث الصغرى التي رقصنا لها فرحا و نحن صغارٌ لازلنا لم نعِ بعدُ ما ينتظرنا من تحدّيات كبرى في الطريق. نعم لقد نسيت أن أكتبها و كأنّها سقطت من الذاكرة، و هل أنا أنا لولاها ؟؟ لماذا يحلو لنا أن نتذكّر تفاصيل إخفاقاتنا و ننسى "نجاحاتنا" الصغيرة التي أهدتنا النجاحات الكُبرَى..
في تمرين آخر كان السؤال أن نكتب أحلامنا؛ في كلّ مجال (صحّي-عائلي-شخصي-مهني-مادّي...) أين يُرجَى منّا أن نقوم بملء ستّ خانات ! في حقيقة الأمر دُهِشنا ممّا طُلِبَ منّا و ابتسم أغلب المُتدرّبين أظّنها ابتسامة كالّتي ابتسمتها: ابتسامة سُخرية ظانّين أنّ التكوين ليس جادّا. كانت تعاليق الجميع متقاربة مُفادها كيف لنا أن نحلُمَ كلّ هذي الأحلام، أ عاجزون نحن لهذه الدرجة على الحُلم؟ أ أشحاء نحن في أحلامنا ؟ هل هو ضيقُ رؤية أو هي رصانةُ الواقعيّة أم ماذا ؟؟ حقيقة لا أعلم! ما أعلمُه هو لحظات الصّدق تلك التي قررت فيها أن أسمع مُرهِفةً لأعماقي التي تكنُزُ أحلامًا يخبو بريقها وسط الركض اليوميّ و الضجيج الذي حولي و الخوف و القلق اللذان يتكالبان على المرء في أوقات عديدة و هو يخوض مُواجهته مع الواقع. مكثت لحظات هكذا أتأمّل فإذ بالقلم ينطلق من بين أصابعي يُسارعُ نبضاتٍ علا نسقُها بداخلي. تدفّقت الأحلام من أعماقي مِدادًا على ورقتي. كثيرة هي الأحلام التي تسكننا لكنّنا نخاف أن نصرّح بها حتّى لأنفسنا حيث نظنّ أنّ حواجز عدّة تحول بيننا و بينها و أنّها ضرب من ضروب المُستحيل فنهمّ بإقناع أنفسنا أنّنا لسنا أهلا لها و ليست أهلا لنا..
المهمّ، بعد تدوين الأحلام قام المُدرّب بشرح بعض الخطوات التي وصلت بنا أنّ أحلامنا ليست مستحيلة إذا ما حوّلناها إلى أهداف إستراتيجيّة. أي يجب أن نرسُم تصوّرا للخطوات التي يجب أن نسلُكها حتّى نُحقّق حُلمنا مع الحرص في مرحلة أولى على معرفة ذواتنا معرفة حقيقيّة كأن نعي بنقاط القوّة و نقاط الضعف الداخليّة، و في مرحلة ثانية على معرفة بيئتنا بما تحتويه من تحدّيات و ما تمنحُه من فُرص. في أوّل الحصّة التدريبيّة قال لنا المُدرّب أنّ "التخطيط مكتوب أو لا يكون". لم أعبأ بقولته كثيرا أو لعلّني لم آخذ قولته هذه بكثير من الجديّة حتّى رأيت تأثير أن تكتب أحلامك و تحوّلها لمجموعة من الأهداف الإستراتيجيّة أو الخطوات المدروسة ساعتها فقط أيقنت أنّ الأحلام قريبةٌ و لا شيء مُستحيل ما دُمنا قرّرنا أن نسير في الطريق المُناسب أين نستثمِرُ الظروف لصالحنا مهما كانت.. نسيت أن أقول أن من أبرز الأسئلة التي طرحتها على المدرّب -الذي كان يفيض هدوءً وثقة جعلاني أرهف السمع و أصبّ انتباهي لديه- أن بعض الأحلام عصيّة على أن نحوّلها إلى مجموعة أهداف استراتيجية لافتقار الأدوات ربما أو لحجم انتظاراتنا الضخم الذي يُفرِزُ هوّة بين أحلامنا و الواقع الذي نعيشه. جوابه كانت كلمة واحدة : "المرونة". يجب أن يكون المرء مرنا لا فظّا ! و كذا أوصى الله عزّ و جلّ رسوله المصطفى صلى الله عليه و سلم (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). فظاظة المرء من تجعل الأحلام تفرّ منه كالحُمر المُستنفرة.

كان تكوينا جديرا بأن يُقلّب الكثير من الأوراق في داخلي. فأنا كنت أظنّ أنّني إنسان حالم لدرجة قد تكون مفرطة غير أنّني اكتشفت أنّ سقف أحلامي كان مُنخفِضا لعدّة اعتبارات. كلّما رفعنا سقف أحلامنا كلّما حقّقنا أكثر ما يمكن من أهدافنا. قد يقول بعضهم عن أيّ أحلام يمكن أن نتحدّث في ظلّ الأزمات التي يعيشها العالم أجمع، الإجابة التي منحنيها هذا التدريبُ هو أنّ الذين يُغيّرون الواقِعَ أولئك الذي يُؤمنون بأحلامهم و ينطلقون في التخطيط لتنفيذها لا أولئك الذين يحلمون و يحلمون على الربوة فقط و يستيقظون على وقع الكوابيس التي تُكبّلهم..

..
الحامة
2016-01-02
س 22.00

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...