و كثيرا ما نظرت في عينيها فاستوطنت فيّ الطمأنية بعد القلق و الرّاحة بعد التّعب .. و خُيِّل إليّ مِرارا أنّ لها طاقة لا تنفذ فلم أكن أراها يوما تشتكي من تعب رغم عملها المُرهق داخل المنزل و خارجه.. فيها أبصرت الحُبَّ إنكارا للذّات و عطاءا مِدرارا و إيثارا .. هي مدرستي الّتي علّمتني أبجديّات الحياة فأخذت بيديّ حتّى قوِيَ عُودي و سِرتُ دُرُوبي .. هي من أفاقت فيّ وعيا بنُبل رسالتي.. فكنت أراها أمّا و زوجة و مُناضلة تُدافع عن قيمها و مبادئها التّي آمنت بهم إيمانا راسخا ..
و هل للمرأة المؤمنة إلّا أن تكون كذلك ؟!
فهي من تقتدي بأمّنا هاجر في أمومتها و حنانها الفيّاض و هي تُهرول بين “الصّفا” و “المروة” و هي تنظر إبنها -سيّدنا اسماعيل عليه السلام – يحتضر ظمئا ! فاستجاب لها ربّها و أرسل طيرا فجّر بمنقاره ماء “زمزم”.. و هكذا دخلت “السيّدة هاجر” التّاريخ الدينيّ بهموم أمومتها، و صار مسعاها بين “الصّفا” و “المروة” شعيرة من شعائر الحجّ في ديننا الحنيف، و عيدا للأمومة، بموسم الحجّ من كلّ عام.
و هي من تتّخذ من أمّنا مريم آية في الصّبر و الثّبات “و جعلنا ابن مريم و أمّه آية و من أمّنا خديجة درسا في الحبّ و الإخلاص لزوجها الأمين المُختار -عليه أزكى و أعطر السّلام- و هي تهدّئ من روعه إذ إرتعد و الوحي يتنزّل عليه .. و هي أول من صدّق برسالته.
.. أيا إمرأة مؤمنة تمعّني في هذه الأُسى و غيرها في تاريخ أسلافنا الصّالحين فـ “في صدر الإسلام استطاعت امرأة من الخوارج أن تقود جيشا يهزم الحجّاج و يحصره في قصره و يتركه مذعو ر..”(2)
أنت في مجتمعك كالقلب في الجسد ؛ تلك المُضغة التّي إذا صلحت صلح حالنا ” الأمّ مدرسة إذا أعددتها أعدت شعبا طيّب الأعراق” (3) .أنت يا إمرأة كرّمك الله و أودعك أغلى الأمانات٠٠ فلتكوني كريمة صامدة حرّة عفيفة.
(1) المؤمنون آية 50
(2) المرأة في الإسلام، محمّد الغزالي
(3) الشاعر حافظ ابراهيم
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مُروركم يُسعدني.. :)