السبت، 22 أغسطس 2015

انــعتـــــــاق ..


*  كم هي موجعة النهايات التي تأتي على حين غفلة منّا فتفجعنا و نحن نصعد مدارج التعلق! هي نهايات تأتي و قد حسم القلب أمره و ظن أنها صحبة أبدية لا فراق بعدها كيف و هو الذي يؤمن أن الله سيجمعه بأحبته في دار الخلود. أ تعلم قد تدفعنا طيبتنا أو سذاجتنا -لا أعلم ما أسمّيها- أم نجمّل ذاك الآخر حتى نغفل عن إشارات ربما كانت لتحمينا من صدمة الخذلان؛ ليس حسن الظن هذا إنما هو فيض من عطاء قد يغرقنا في دائرة من الأوهام الجميلة! أ تعلم أنني عاهدت نفسي يوم وقفت في باب النهاية مثقلة بالأوجاع ألاّ أعود إلى البداية لأنّ شغفي بها قد انطفأ! وعدتني أن أكون قوية بنفسي و لا أحد سواي و أن أكتفي بي لأنه لا طاقة لي على الإقدام مرة أخرى كيف و سلاحي -قلبي- منكسر !

-  لا ريب أن النهايات موجعة خاصّة لقلوب الصادقين المرهفين الشفافين العطّائين. فلا شكّ بأنّك ستفقد الشغف وستتعب وستجزع من كلّ أيّ حكاية كانت.. سيأتي كلّ أمر بعد قليل، حتّى تهدأ. لا بدّ من ترشيد آهات القلب التي ليس لها أن تضيع هدرا؛ هذه الآهات ستربيك بأن لا تتعلّق بالطريقة الخطأ فالخالق وهبك هذه المضغة لتُحبّ لأجل الحبّ الذي هو منه و إليه فلا تندم على لحظات الودّ التي أهديت هي لم ترح هدرا و أنت لم تخسر بل ربحت نفسا قادرة على إشعاع المحبة عمّن حولها. لا بدّ من تجديد الحياة في القلب لأن النهاية من سنن الحياة الدنيا و لولا النهاية ما كانت البداية، ستغدو النهاية فرصة لتكبر روحك و تبصر أن الفرح أكبر من صوره التي عرفته فيها و ستتذوق ترياق محبة صافي يوم تتحرر من أولئك الذين تصورتهم يوما المحبة بعينها.. النهاية فرصة للاستبدال فكن واثقا أنه ما أفرغ يدك من حاجة إلا ليعطيك أخرى لن تبصرها في الوهلات الأولى لكنك ستقسم أنها ألذّ و أجمل و لو رأوك وحيدا ممزقا خالي اليدين.. و هل كان قلب سيد الخلق -صلى الله عليه و سلم- ليتفتح من جديد بعد صاحبته خديجة ؟! لعمري لقد تفتّح و أطلق أزكى عبير بحبّ أمّنا عائشة رضي الله عنها !

*  لكن، كيف لقلبي أن يُشفى من خوفه ؟ كيف له أن يخلع رداء الحذر الذي استولى عليه و سلبه الشغف؟ كيف له أن يفرد جناحيه مثلما زمان و هو مطمئن و إن لم يعلم أين سيحطّ رحله ؟

-  لا تحمله الأوزار فتثقله بالهموم. ترفّق به و تحمّل ضعفه. انظر فيه بثقة و امنحه فرصا للانعتاق و للحلم بأن هناك غدا جميلا لا بد أن يدركه.. فليحلّق عاليا حتّى يكبر عن كل قبيح من خذلان و خديعة و فقد و فراق و هجر.. فليطلق عنان حلمه فلا تكبحه مستمعا إليهم إذ قالوا أنك تؤمن بما لا يوجد؛ إيمانك هو وقود رحلتك للوصول لنفسك التي ستكون في بقعة ما من هذا الكون الفسيح؛ آمن بها حتى تلقاها عيونا تتجلّى فيها همومك و عقلا تتردّد فيه أفكارك و قلبا يخشى عليك منك و روحا تتحمّلك رغم أثقالك..
....
22-8-2015 
س 9.30 صباحا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...