الاثنين، 16 مايو 2016

رسائل لزمن صادق.. رسائل لزمن على قيد الحلم..


لا شيء هنا غير نهر من الحكايا ينبثق من الأعماق لا أملك له قوة لأرسله نحو جهة دون أخرى..
و هناك.. أنا،و أنت ؛ وجها مشرقا يُنير ظلمة الأيّام و يدثّر قلبي المُرتجِفَ من قسوة هذه المدينة.. أقف في هالة حضورك التي تعتريني؛ أسألك عن أمور كثيرة كطفلة لا ترتّب تساؤلاتها لكنّها تسأل بشغف، و ثقة في أمّها أنّها اليد المُخلِصَتُها من كومة الحيرة. . و أسألكَ ثقة في دفء تحمله الإجابة، و استدرارا لحديثك الذي لا يطول و أنا التي أرجوه أن لا ينقطع عنّي أبدا و أن لا يتركني في الليل الطويل مع الظلمة التي توقظ خوف الطفلة التي تسكنني..
و هناك.. موسيقى شجيّة تغازل قلبي و تصنع له أجنحة بها يُرفرف حول صرح قلبك.. لكن، أمر ما يمنعه من الدخول استحياءَ أو خوفا.. لا أعرف ! أترك السلام أمام أبوابك و أرحل إلى الآفاق أنثرها بالدعاء و أنتظر ثمرك لعلّه ينبت .. !

و هناك.. أحلام أسقيها كلّ صباح بالنور المعتّق بعشقي.. هل أخبرتك كم أعشق الصباح ! أعشقه على قدر قلقي من الظلمة التي تهيّج هواجسي.. الأحلام وحدها من تكسر حاجز الخوف و تصنع تماسكي من جديد كلّ مرّة بعد أن يتبعثر أشلاء أظنّها لن تندمل..

و هناك.. خيط رفيع من نور يضيء قلبي.. أ تذكر ؟ أحاديثي المطنبة عن الخذلان، و حكاية أرض الفؤاد الملغومة جراحات.. أ تذكر قولي بأنّ الشفاء يكمن في عيش هذا القلب قدّيسا لا يغادر معبده.. لكنّك، نجحت -بعد كلّ ما كان- في إنارة ذاك الخيط الرفيع و أنسيتَ القلبَ انفطامه ! و غادر القدّيس معبده يبحث عن أسرار الحياة ..

...................

تلحّفت المدينة الدجى فاستيقظت الطفلة فيها فزعة تبحث في الأرجاء عن بيت عموداه قلب أمّ دافئ و حضن أب واسع!
.. ما أوسع المدينة، و ما أوحشها! كلّ الوجوه تطفح بالغربة، ينخر ملامحها القلق، تفوح منها رائحة التوجّس القاتلة ! تهرول الطفلة صوب البيت. لكن، البيت قلب محبّ يحضن مخاوفنا و لمسة حنيّة تمسح كلّ المتاعب و الأوجاع .. و لا شيء هنا ! لا بيت لها في هذه المدينة الكبيرة الفسيحة التي تضيق إلّا عليها ! ماذا لو كان هنا؟ هل كان سيسري الدفئ في أوصال المدينة الباردة؟ هل يكون لها أبا و أمّا و وطنا؟! هل يختزل كلّ الطرقات ليهبّ إلى عينيها يمسح دمعها السخيّ ؟ ماذا لو كان هنا؟!
....................

تعثرت في ارتباكي يومها و عدت أدراجي مرات قبل أن ينطلق خطوي.. نحوك ! نعم، أنت ها هنا بالقرب تنتظرني. و أنا لا أصدّق أنّ المسافة تبخرت، و أنّ آذان اللُقيا صدح في الجوّ ليزيد ذرّات الشوق التحاما و تعاضدا.. و كنا؛ أعينا تفرّ من الالتقاء.. لم تصمد نظراتي المشحونة شوقا و وجلا و خجلا و طفولة ..أمام نظرات لم أجد قوة لأقرأها.. لا أعلم شيئا عن الرسائل التي تقال في لقاءات كتلك.. لا أعلم إلا تسارع نبضي و انقطاع انتباهي عن كل ما حولي و سبحي الطويل في فلك حضورك.. و كنت نصب ناظري كتلة من الأحلام نابضة في وجودي، و جملة من الكلام خضراء تنبت في مسمعي فيذوب كل الضجيج حوله و تتسلّل هي لأعماقي..
.....................

صادق ! لا أعلم إن كنت ستفهمني ككلّ مرة أم أنّ الأمر سيستعصي عليك هذه المرة! أنا قطّ لا أشكّ في شفافيّة روحك التي تخوّل للمعاني النفاذ دون مشقة. فقط، الأمور التي أريد أن أفرغ صدري منها -هذه المرّة- في سماء روحك الممتدة لي كامتداد السماء بلا حواجز أمام الطيور المهاجرة، معقدة ككبّة الخيط عندما يضيع رأسها !
هل تعلم ماذا يعني أن يخونك الشعور فيفلت كالماء من بين يديك، متدفّقا بقوّة كنت تظنّ أنّك أصبحت تحسن التحكّم فيها قيسا و مراقبة..
هل تعلم ماذا يعني أن تخونك الكلمات في رسم أقرب المسافات و في صياغة أحبّ الرسائل. فيحتدم غضبك لأنّ أجدر وسيلة بك ضاعت عنك و أنت تستغيث محاولا فهم ما يحصل !
................

لكم أرجو أن تُحمَل إليك -صادق- حرارة أنفاسي مع مخاض كل معنى يتفتح بين ثنايا الأعماق حتّى تتعتّق به نظراتي و أظّنني لست أنا ! حتّى يمتلئ مسمعي بجملتك -تقودني كبوصلة لميناء سلامي: أنتِ أنتِ قلبُ طفل لا يعرف مُوارَبَة !
لكن، أخبرني صادق ! ما أنا فاعلة بهذا القلب في عالم ينكر الطفولة ؟!! الحكايات تزدحم فيه و أمور تبدو صغيرة في نظرهم تقلقني.. تتعبني تلك النظرة البخيلة أن تمدّ ظلال الودّ فيهدأ قيظ الأيام.. تربكني تلك الأحاديث التي تغزل لتنقض أوصال صداقة أو محبّة أو رحم أو جيرة أو زمالة.. يؤرقني حال هذه المدينة المحشوّة بالغربة و الخوف.. هنا الوجوه تقول الكثير إلّا أنّها بسلام! يقفز التوتّر و الشكوى من الأعين، بينما يظلّ الرضى حبيس ذاك الركن القصيّ الهادئ حيث لا يثير ضجيجا بل ينساب في صمتٍ بَسّام لا يشدّ إنتباه إلّا القليلين.. 
صادق- أعلم بأن وصيتك الأبدية لي : "كوني شمعة في الظلام ".. و إني أكتب إليك فقط لأستقبل عبقها و لأدفع عنها غبار التعب و الإحباط ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...