الأربعاء، 1 يونيو 2016

ثرثرة على أعتاب الذاكرة


بدا أنّ شيئا لم يتبدّل ! تلكُم الأزهار لم تُقتلَع و عبيرها العَبِقُ لم ينصَرِف! تُصدّق! بعد كلّ هذي الأعوام التي تدحرجت. بل خبّأته الذاكرة في أدراجها السريّةُ لتقول كم هي أمينَةٌ و كم هي قادرة على جمع التفاصيل كحبّات العقد ظنّنا أنْ لا معنى لها بعد انفراط العقد. لكنّ يدًا ماهرة تُعاوٍدُ تركيب الحبّات بعنايةٍ ثمّ تقول هاكُمُ جَمَالًا لا يندثر. هذه اليَدُ هي الذاكرة بعدمَا يهدأ موج الغضب المظربِ و بحرُ الحُزنِ الهائج. الجمالُ لا يُشوّهه الوجَعُ، و هل تُشوّهُ الأشواك الوردةَ ! الجمالُ يُشوّهه الخِداعُ و هل لمرآة سيّئة الصقل أن ترسُمَ صُورةَ صادقةً للوجهِ الحسنِ !
ربّما قُلتَ لي -صادق- أنّ فتحَ هذي الأدراج السريّة و الاصغاء لثرثرة الذاكرة الجميلة هي هروب للوراء، هي يأسٌ من صناعة جميل في قادمِ الخطواتِ، هي رميُ أسلحتنا أمام أيّامٍ تنتظرُ بذور إرادتنا و كدّنا حتّى تُثمِرَ و نظرٌ لسالِفِ أيّامنا الزاهِرة و تحسُّرٍ كمن يبكي على أعتاب قصر الحمراء بغرناطة يَرَى أندلسا عتيّة و لا يحثّ  همّته نحو قدس و دمشق..
لا - صادق- ليس هذا! إنّما هو التصالُحُ مع كلّ جميل و النأي عن انكار جميل القدر في تعليمنا و تبصيرنا.. نحن لا نتقدّم إلّا إذا شُفِينَا من حكاياتنا التي نحمِلُها كما يحمِلُ الحِمار الأسفارَ؛ مغلقةٌ عمّا فيها من دروسٍ، نخشى أوجاعها فنُقلِعُ عن تفكيكها و الاغتنام من تفاصيل فيها تشدّ أزر توازننا. إنّما -أحدّثك- صادق عن الشجاعة في البحث عن الجمال في كلّ حال و التدرّع به لمواجهة كلّ ضعف يُربكُ تطلّعنا لأحلام تخرج من أصلابنا حقيقيّة ترنو لتجميل واقعنا. أحلاما لا تطير كفقاعة الصابون سُرعانما تنقلبُ هبَاءً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...