الأحد، 5 يونيو 2016

عودة تنتظر عودتنا


يعود كما هو محمّلا بالرحمات النديّة و الليالي الطيّبة و وافرِ الحكمة.. هو كما هو ككلّ عام فضائله لا تُعدّ، إنّما نحن مربط الفرس، نحن القيمة المُضافة، نحن اليد التي تأخذ النور لتنشره، نحن الصدر الذي يُفتح لكلّ هذا الخير حتّى يرث خطوًا يزرعُ خُضرةً، نحن المرونة و الثراء التّي تُفتِّتُ تكلُّسَ الفكر، نحن النافذة التي تُفتح وسط الحريق،...
و نحن من نحن؟! نحن العالقون: بين الخيبة و الأمل، بين الخذلان و الوفاء، بين العجز و الإرادة، بين الوهم و البحث عن المعنى، بين الحلم و اليأس، بين الماضي المجيد و الحاضر المُعقّد و المستقبل المجهول، بين الدماء و الورد، بين اللقاء و الفراق، بين النور و الظلمة، بين الصدق و الخيانة، بين الحقد و العفو،...
نحن هنا تملأ أسماعنا جلبة الحرب التي لا تنتهي. حرب تبدأ من أعماق النفس الأنانيّة و الظالمة و المتغطرسة و الضعيفة أمام شهوة السطوة و السيطرة.. و تنتهي الحرب إلى ميادن حمراء تُغرق الأزهار، ميادن حمراء قانية تبتلِعُ النور و تُسدِلُ الدُجَى جلبابا يَستُرُ إنسانيّتنا فيتعرّى الحيوان فينا؛ ذاك الذي لا معنى للوسائل عنده كي يصطاد فريسته..
قُل لي بربّكَ هل أضحى رمضانُ مهرجانًا نسوِّقُ فيه عباداتنا و تديّننا الهشّ الذي لا يُحرّرُ ضعفنا و لا يُبصِرُنا نور العمل. تديّنا نكتفي فيه برفع الأكفّ للدعاء على الظالمين و المتآمرين علينا كما نظنّ نحن "خيرُ أمّةٍ أخرجت للنّاس" و هل نحن هم حقّا؟!
هل رمضان تلك الفرصة التي ننتظرها عشرات المرّات بل قل أكثر من ذلك بكثير لنبقى ها هنا منكبّين على السجادة و الأرض تُزلزَلُ من تحتِ أقدامنَا و نحنُ نمنعُ الماعون عن المُستصرخين الغارقين في ظلمة الجهل و الدمِ الزاكي..
هل رمضان يعودُ لكي نرتدي جلبابه الطاهر قبل أن نخلع براثننا، حتّى إذا رحل بقينا و سوادُنَا يُكبّلنا..
لكم أرجو أن ننجح في فهم رسائل رمضان لنحرج منه أكثر تبصّرا و أكثر حكمة فنروّض أنفُسنا و نؤدّبها.. حتّى تضحى مؤهّلة للتربيت عن هذا العالم الصاخب و إلهامه رَشَده بجمال الفكر و إرادة الحياة..

..
تونس
05-06-2016
س 12

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...