الجمعة، 5 أغسطس 2016

رسالة (..)

صادق!
أعلمُ بأنّ منغّصات الطريق جمّة و أنّ قلبك أتعبته الرحلة و تشقّقت أرضه من شحّ اللُقيا و التهاب الأوجاع. لهذا أكتب إليك ! لا أكتب إليك وعظا أو إرشادا فأنا مثلك أغالب النفس أن لا تتوقّف و أن لا تنطفئ.. أكتب إليك، فقط، أبحث عن نور الصدق في الكلمات لعلّه يقودنا لمتنفّس ما لنملأ أرواحنا هواءً نقيّا نحارب به الضيق الذي أصبح عنوان العالم كلّما اتّسع. أنا لا ألعن العالم و لا ألعن زماننا هذا، بل ألعن ذاتًا خلعت إنسانيّتها و هامت على وجهها تقتل و تغزو و تخذل و تكذب و تتفنّن في الفساد دون التفكير في أيّ شيء إلّا اشباع أطماعها المتكالبة؛ كالدوّاب بل هي أضلّ !

صادق!
هل تعلم كم أحتاج روحك بساطا أخضرا أنثر فيه أمنياتي أشدو لها أعذب الأغنيات و أركض و أركض لا ألوي على همّ حتّى أتعب فأرتمي فوق الخضرة أنظر السماء الواسعة حيث عيناك الملآنة بحكاياك المفضّلة، المشعّة صدقا و أنت تقول لي: لا عليكِ! أنتِ أهلٌ لكُبريات الأحلام! لا تكترثي لحجر الطريق هو هناك كي تتوقّفي كلّ حين ترفعينه فتتفقّدي قوّتك و صبرك.. هنا هناك كي أنهل من عينيك الحزينتين حُبّ الحياة فأستمرّ في تذوّق المعاني في الآلام. و نُردّد سويّا قول السيّاب:

" لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم،
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وان المصيبات بعض الكرم.
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟ "

صادق!
قلتُ لك يوما أنّ الزمن يمرّ على المشاعر فتخبو أو لعلّنا ننسى ! لكنّ نفسي كذّبتني فأنا توهّمت النسيان حتّى تذكّرت فنشب بداخلي حريق أشعلته الذكريات التي لم تمت بل هي في الأعماق لهيب تحت الرماد !
أ تعلم؟ قرأت منذ أيّام قليلة حوارًا بين صديقين حول المُحبّ في أطلال "أمّ كلثوم" و المُحبّ في "أنساك". يقول الصديق الأوّل أنّ المُحِبّ في الأغنية الأولى يختلف عن المُحبّ في الثانية. ففي "الأطلال" يعتزِمُ نسيَانَ محبُوبه، أمّا في "أنساك" فهو باقٍ على عهدِه. يُعقّبُ الصديق الثاني أنّ من أحبَّ لا يمكن أن ينسَى أبدًا، لكنّ الإنسان هو ليس الانسان ذاته إذا مرّ الزمن و نأى و اتّسَعَت أفكاره: الانسان يتغيّر أمّا مشاعره فخالدةٌ في فؤاده!  أيضا، حديث مصدّق لهذا لم ينقطع سيرُهُ في خاطري؛ فحواه أنّ الإنسان يُحِبُّ مرّة واحدة في حياته، لكنّ للقلب أكثر من حياة ! هل تعتقد ؟!


صادق!
حكايات كثيرة تجرف أرض ذهني و هي تنطلق مندفعة تعاند بعضها في القفز أوّلا حتّى تتشكّل حروفا فتغدو خفيفة كغيمة تسبح في الآفاق.. و أنا أكتب فقط لأعدّل ابرة بوصلتي الذي مالت، و أخفّف أوزاري فالطريق مازال طويلا و أنا كدت أن أتعب !


صفيّة.


..
الحامة
05-08-2016
س 15.30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...