الثلاثاء، 5 يونيو 2018

مشهد حارق


أيّ كلِمٍ يُخَطُّ أمام هذا المشهد الكَالِم؛ مشهد معقّدة أطرافه التي تكتّلت حتّى تُغرق الزهور في الظلام؟! لكنّ الحروف نهر لا يجفّ. سالت الحروف على وقع سنفونيّة لم ينقطع صوتها الحزين مُذْ البارحة عندما وارى تراب مدينتنا تسعة من شبابها، ووَارت مدن أخرى أعدادا لا أحفظها، يقطع السنفونية غضب مزمجر ينبعث الآن من قناتنا الوطنيّة؛ إنّه مجلس الشعب ينتفض! لا يأخذني الجزع ولا الدهشة، فهي انتفاضته المعتادة التي تعقب كلّ مصيبة.

البحر.. حزينا: 
- لم تكن أحلامكم مُقسِطةً؛ كانت محشوّة بالأوهام التي منها أرضَعُوكم. لهذا كان الضياع في أعماقي الغامضة مصيركم.
من يركبونني علّموني أنّ الأحلام  تتكسّر في المنتصف بالمُقامرة، وأخبروني أنّ الأحلام التي تبدو قريبة أكثر ممّا ينبغي تُعمِي النّفس عن حقائق الطريق.

القارب.. متألّما:
- أنهكني أولئك الكذبة؛ قالوا بأنّ  ظهري حامِلكم وهو الوهِنُ لا طاقة له بذلك. لو كانت لي أجنحة  لحلّقتُ بكم نحو أحلامكم الجميلة! كم كنت أرجو أن أكون آلة تركبونها  فتأكلون من خيرات البحر! كم كرهت أن أكون أداة موت أرميكم -لضعفي- لحما طريّا لحيتان البحر!

الثكلى.. مكلومة:
-آه يا كبدي!! ما كنت أدري أني كنت أخيط كفنك بيدي التي اقترضت لك ثمن الرحلة!

الحَالِمُ الهالك.. آسٍ:
- كان الحُلم يبرق في ظلام دامس. قالوا: "هذا سبيل الوصول، لا تخافنّ أيّها الفتى فبالمال نؤمّن لك الطريق نحو ضفّة خضراء تنسيك أزمان القحط". آه!! لو كنت أدري أنّ الثمن أبهظ من مال الدنيا كلّها! 

الأب.. الموجوع:
- آه لو كنت أبصر هذه اليد التي تزرع  اليأس في أرض روحك الخصبة بنيّ! لقطعتها قبل أن تقطعك يا قطعة منّي؟!

عجوز.. أرهقه المشهد:
- من طعننا بسكّين الفجيعة مجرم، نثر بذوره المسمومة منذ أزمان بعيدة في أرضنا. فأين الفَطِنُ القويّ الذي يقتلعها قبل أن تصبح فجيعتنا في الزهور ديدنا؟


مصدر الصورة: ONU
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...