السبت، 30 نوفمبر 2013

العلاقة بين الرجل و المرأة: بين التصادم و الإنسجام !


 ثمّة شيء يلفت الإنتباه و هو كون الرّسل التي تنزلت عليهم الكتب المقدسة : موسى و عيسى و محمّد صلوات الله عليهم، كلهم تربّوا في حضن الأمّ و لم يكن للأب حضور في حياتهم، إلّا أنّهم كانوا عباد الله المصطفين و كانوا هداة اقوامهم و ضرب بهم مثل أعلى. لسائل أن يسأل: ألا يبدو في هذا رسالة من الله لناللتأكيد على دور المرأة الفعّال في تربية الأمّة و النهوض بها ؟ أ ليس في ذلك إشارة أنّ المرأة هي محضن الرجولة اليافعة النّاضجة التي تقود الأمة و تهديها سُبُل الخلاص ؟ و إنّي لأحسب أنّ الله ضرب لنا المثل من وراء ذلك، فالنبوّة بقدر ما هي تشريف لمُصطفيه الأخيار فهي تكريم لتلك المرأة التي حملتهم و إحتضنتهم و تربّوا على يديها..من هذا المثل أبدأ كلامي عن العلاقة بين المرأة و الرّجل التّي سال فيها المداد و ما جفّ إلى اليوم و أبرمت فيها إتفاقيات و أقيمت مؤتمرات.. لكنّنا بقينا في المستنقع ذاته نترنّح ! مُذبذبين بين أفضليّة و شراكة و مساواة و تكامل ... و حالنا هذا حسب رأيي مأتاه عدم وضع معايير موضوعية لإنجاح هذة العلاقة. إنّنا ننظر إليها دائما من منطلق "العدوانيّة" فكأنّا بنا بين طرفين متخاصمين يسعى كلّ واحد منهم لإسترجاع حقوقه "المسلوبة" من الآخر، في حالة تنازع و مقارنة دائمة أيّ الطرفين أفضل و أنفع في الحياة ؟ لكنّنا إن سألنا المرأة أ هي قادرة على العيش دون رجل أم العكس هل أنّ الرجل يقدر على الإستغناء عن المرأة، لوجدنا أنّ كليهما لا يُحسن العيش من غير الآخر ! و هذا يؤكّد تفرّد كليهما فليس للمرأة أن تقوم مقام الرّجل و لا للرجل أن يقوم بمهامها ليس من باب ضعف كليهما أو إستنقاصا له إنّما من باب الخصوصية فكلّ واحد أتى لمهمّة معيّنة ليس للآخر أن يسدّها بل بإنجاز كليهما دوره يتحقّق التوازن في الحياة. إنّي لأرى أنّ دعوات المساواة السّاذجة التّي يُنادى بها الكثيرون هي أساس "الأزمة" التي نعيش فالمرأة أصبحت في حالة لُهاث دائم نحو ذلك المعيار و المثل الأعلى "الرجل" التي تتوهّم أنّه إمتلك كلّ الحقوق و كلّ الصفات الإيجابية التي يتحتّم عليها اللّحاق بها و إمتلاكها. و هنا تناست المرأة كلّ خصوصيتها و لم تعد تُراهن على نشاطاتها و دورها في إنجاح مجتمعها كإمرأة بل أصبحت تنظر لنفسها كمنافسة للرجل فقط ! للمرأة أن تنافس الرجل في إنسانيته أما أن تُسابقه في "ذكوريته" فذلك مرفوض و ليس له إلّا أن يهتك "أنوثتها" و يوقعنا في حالة تصادم و فوضى في العائلة و المجتمع. للمرأة أن تعي تلك الأمانة التي وهبها الله عزّ و جلّ فهي المُؤَمَّنَةُ عن النّسل و الرّاعية له، هي الأمّ و الأخت و الزّوجة التي يحتاجها الرّجل و بها يتحقّق توازنه و نجاحه و رقيّ المجتمع. للرّجل أن يعلم أنّه الأب و الأخ و الزّوج، ذلك الجناح الّذي يحمي المرأة فتُحلّق في سماوات الثّقة بالنّفس و النّجاح و التّألق و الدّفع بالمجتمع نحو الإنسجام و التّناغم و التّآخي. بحاجة نحن اليوم لنظرة متبصّرة في العلاقة بين المرأة و الرّجل، نظرة تنوء بنا عن ذلك التّصور التقليدي للعلاقة أين يكون الرجل سيدا و المرأة جارية أو أمة، كذلك نظرة مغايرة عن النظرة "الحداثيّة" أين يُبحث عن مساواة بين المرأة و الرجل بل قل بين الذّكر و الأنثى. و كلا النظرتين متطرفتين ستعقّدان العلاقة و تدمّرانها. أتوق لنظرة تُصالح هذين الكائنين حتّى يعيشا في توافق و إنسجام؛ "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا "!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...