الخميس، 5 ديسمبر 2013

طريقٌ آخر..!

تبدأ يومها على وقع رنّة المنبه، وكأنه صفير القطار معلناً عن إنطلاق الرحلة فتسافر من الموت الأصغر إلى حياة جديدة كتبها الله لها.. تتوضأ لتطهّر الروح و الجسد و تستأنف الدرب بخطًى أنيقة و نظرة خلابة..

كم تقلقها الزحمه لكن لا مفر .. كسمكة تغوص في بحر الحياة.. تسعى كي تكسب قوت يومها وتصون نفسها من شباك أمهر الصيادين و حوتاً ضخماً قد يبتلعها و هو يلتهم كل ما حوله.. فالمغريات حاصرتها في كل منعطف و الأنفس جاعت و ما شبعت !.. يمتلئ مسمعها بضجيج الحياة حتى يمسي نبض قلبها خافتاً، تهرع إلى نفسها تسألها “ماذا لو سكت قلبي ؟ أتراني أعيش جسداً بلا نبض ؟!” ثم تجيب “هي حياةٌ واحدة فعيشيها”..تباغتها المنبهات من كل صوب “أسرعي ! ليس هناك وقتٌ للوقوف .. أسرعي ..” فتضيع جسداً بين الأجساد، يجري في السباق، لا ضير وإن توقف نبضُ الفؤاد فيه ! لكن وسط السباق تتوقف لاسترجاع انفاسها، لا يهمّها لا الزمن و لا المتسابقون ! ليس هذا حلمها ! الركض وراء سراب لم يكن يوما حلمها. لن تكون أمةً لأشياء صنعتها بيدها ! مالها تبدأ يومها وهي تنتظر نهايته، كحملٍ يثقلها تبغي وضعه.

و يزداد شوقها لتلك اللحظة.. لحظة ولادة الإنسان فيها، الانسان الذي تحدث عنه الله في كتابه، “الانسان الخليفة”،الانسان الذي بنى الحضارة و ترك لمسات تحدث عنه ، الانسان الذي لون بالحب دنياه وألبسها أبهى الحلل ولم تقتله هي بماديتها، أغدقها بخيره فأمن حيلها..

بت ابحث عن هذا الإنسان في دمعتي المسكوبة علي أعثر عن شيء من الصدق.. في سجدتي التي بها أقوى .. فماذا لو جعلت جل سكناتي و حركاتي سجدةً بها أقوى و أرسخ عبوديتي له دون سواه، فهل غيره خالق يعبد ! بحثت عنه في عاطفة نقية ترقى بي فيدندن القلب أعذب الأغاني فيصدح في الوجود و يعلو صوته على كل صخب.. فككت لحظاتي و بعثرت أيامي و قررت أن أفتش عنه بعيداً عن طريق السباق المزدحم .. سأرسم طريقاً آخر !


(كتبت الخاطرة بتاريخ  26/12/2012)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...