الخميس، 1 يناير 2015

و خُلق الإنسان ضعيفا

أحيانا ننكر على أنفسنا أننا عصبيون، مكتئبون، حساسون بإفراط..و كذلك يرانا الآخرون، فيعاتبوننا على سلوكنا هذا كسرعة الغضب و رفع الصوت و حبّ الإنزواء و الدموع التي تسيل منا على حين غرّة فتنهمر دون سُحب تسبقها..
لكننا لا نفكر في السبب الذي يجعلنا أو يجعل غيرنا بهذه الهشاشة. ننتقد السلوك و ربما اعتبرناه طبعا إياسا منا أنه سيُعالج، لكننا نغفل عن البحث في مسبّبات هذا التصرّف. هل لنا أن نتعامل مع أنفسنا أو مع هؤلاء "المفرطين في الحساسية" بطريقة تمكّنهم من تجاوز ضعفهم -نعته بهذه الصفة الإنسانية ليس فيه إنتقاص من ذواتهم- و ليس بطريقة تعمّق الفجوة بيننا و بينهم فتُسدّ قنوات التواصل بيننا و بينهم أو حتى بيننا و بين ذواتنا التي نُفرط في لومها..
المُشكل مكمنه في تلك الفرصة أو تلك الوقفة: وقفة الإنصات و التعرّف على الرّوح بلطف دون غلظة و جزر و تسرّع..
أن ننصت لذواتنا و نحاول حلّ تلك الأمور المعقّدة الساكنة في الأعماق بعيدا في زاوية مظلمة. هذه الزاوية التي نخافها و نهاب السفر إليها و الغوص في أغوارها، آه لو نعلم أنّ فكّ طلاسمها لهُوَ النّجاة !
أن نُربّت على الآخرين و نحتويهم و لا نلفظهم في لحظات غضبهم و اكتئابهم، تلك اللحظات التي يضيق عليهم فيها العالم فهل يضيق حضننا أيضا ؟؟

تعددت مصادر التوتّر في حياتنا اليومية و أصبح نسق عيشنا جنونيا حتى أن علاقتنا بذواتنا و بالآخرين فترت نتيجة لشحّ  قنوات الحوار أين تلتقي الأرواح و تطبطب على بعضها البعض. و هذا ما يجعل كلّ واحد فينا معرّضا للإكتئاب -بدرجات متفاوتة. الإكتئاب الذي يُبلي قوّة الحياة فينا و به تذوي المعاني الجميلة في أبصارنا و به تهن النّفس فلا تقوى على مقاومة شدائد الدنيا..

الإكتئاب و الحساسية التي تظهر على أحدنا جرّاء حدث ما مرّ عليه ليس دواؤها تظاهر القوّة و إنكار الضّعف، علاجها ليس بحبس الدموع التي يغرق فيها القلب و ليس بجَلْد الذّات و إتهامها بالفشل و عدم قدرتها على الجَلَد.. بل الشفاء منها في التصالح مع ضعفنا و الإنصات لأنين جراحنا و أوجاعنا و البكاء دونما حرج كي لا تلتهم الغصّة القلب (" من لا يحزن و يبكي و يترك المرارة تصعد للسطح بدلا من أن تأكل القلب يغامر بإنسانيته" د.هبة رؤوف عزت)






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...