الثلاثاء، 5 يوليو 2016

فراشة..



ينهض عن كرسيّه، يمشي خطوات عريضة واثقة بإتجاه الباب. يصوّب نظرة ثاقبة نحو الأمل الذي امتدّ شعاعه في الباحة الجنوبيّة. تدور نظراته يبحث عن فراشة تفرد جناحيها تنطلق نحو غده. يُبصِرُها وسط الزحمة، تملأ ألوانها روحه فتأخذه معها في التحليق. يروحان هنا و هناك؛ غدوّا و أصالا، منحة و محنة، دمعة و بسمة، ضعفا و عزما، دجًى و ضياء.. لا تنتهي الأسئلة، تعترضهما مع كلّ خطوة فيلتفت إلى عينيها يطلب جوابا فيغرق في أمواجها. تزدحم بحيرة لذيذة تدفعها للتنقيب دوما عن أسرار تسكن الأعماق و آفاق النفس التي لا يُعرفُ لها حدود.. سألها يومها- يوم أن جاء منهكا- أذنا يلقي فيها همومه، دفئا ينصهر فيه غمّه. فلبّت و أمطرت كرما و عطفا، و وُدّا في المقام الأوّل. حتّى إذا ما انتهى قال: إنّي راحلٌ، أنا المُتخم بالأوجاع سفري طويل و الميناء لا يصلُح لأمثالي، مازال الدرب أمامي وعرًا و فراشة مثلك لا قوّة لها به ! قالت: ألوني أقوى من الهموم و أقدر على الصبر في المتاعب.. ثمّ ماذا عن أسرار فيّ بَثَثْتَها كيف لها أن تتبخّر و أرجع خفيفة كما كنت! لم حمّلتني كلّ هذا ما دمت مُفارقي؟! ظننتك مُقاسِمي طول الرحلة و مُراقصي على درب مُلتهب! لا إجابة! اعتذر الحرف عن حمل معان مُرهِقة. غادر الباحة. لملمت الفراشة جناحيها و حلّقت تواصل سعيها الراجي ..
تُحدِّثُ الفراشة أنّ طريق النسيان عميق بلا قرار! و أنّ الوجع يخِفّ ليس لأنّ الزمان يمرّ، بل لأنّ الروح تتّسع و الفهم يمتدّ و الأمل ينمو بقطرات الإيمان النديّ..
تقول الفراشة أنّ الجمال قلبٌ عطوف يعفو و يصفح و يُدندِن بالدعاء النقيّ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...