السبت، 30 نوفمبر 2013

خاطرة في الذّكرى الثّانية لأوّل انتخابات حرّة نزيهة في تونس

الإنتخاب معناه الإختيار و الإختيار هو أن تنتقي بكامل حريّتك ما يتماشى مع حاجاتك و ترى في شخص أو مجموعة من الأشخاص أو منظومة معيّنة شيئا يُناسبُ تطلّعاتك و ينسجم مع الواقع الّذي تحلُم به و تسعى لإنشائه.. الإنتخابُ هو إذن أن تُمارسَ حريّتك. و تُدافع عن مبادئ تُؤمن بها. و أن تضع ثقتك في من كلّفتهم للإضطلاع بدور ما لأنّ ذلك هو قانون العيش في جماعة. فالجماعة جملة من الأفراد كلّ يقوم بدوره من المكان الّذي إحتلّه. و الثّقة تقتضي منك الصّبر و التبصّر و عدم التسرّع و الإستعجال في إتّخاذ المواقف و إطلاق الأحكام.

الإنتخابُ هو ذلك المعنى المُفعمُ بالنّشوة و الحريّة الّذي لم نتذوّقه -كـتونسيين- إلّا قبل عامين من اليوم. كان يوم الإنتخاب عرسًا لمن ظلّ صوته عقودا من الزّمن حبيسًا لا يعلم أفقًا يُمارس فيه إنسانيّته. مضى عامان عن العرس و يستكثرون علينا أن نهنئ يا وطني ! مرّة قالوا هم شرذمة من الظلاميّين الأميّين ليس لهم ذوق في الإختيار، أعذروهم أساؤوا الإختيار فليس بهم تعقّل بل أخذتهم العاطفة فأشفقوا على مساكين الأمس... و تارةً أخرى كشياطين من كلّ مدخل يطلّون علينا فنسمع القول مساءً صباحًا: "ويحكم ما الّذي تغيّر ؟ " ... ينكثون الجراح الدّفينة كالألغام يفجّرونها في كلّ يومٍ. و هل من مجرم سفّاح أثيم غيرُ الّذي زرع هذه الألغام ! فمالكم تُطنبون في الشّرح حتّى تُقنعوننا أنّ كلّ المصائب أتت مع من حضر للتوِّ، هم وجه سوء تعيدون و تكرّرون فإطّيروا بهم، هم شؤم عليكم يا قومُ ! .. و يوما آخرا جاؤوا، يصيحون في كلّ مصدح أن أفيقوا، كفاكم ما صبرتم.. حلّ وقتُ رحيل ما إخترتم، و ها هم قد فشلوا فأنتم قوم فاشلون لا يليق بكم أن تختاروا، أتينا لننقذكم، وحدنا من نفهم شأنكم و نعلم المخرج.. أجاب بعض القوم تعبنا منكم و منهم و استقلنا، لن نختاركم و لن نختارهم يكفينا ألّا نجوع و لا نعرى.. و آخرون من قومي علموا أنّ هؤلاء الجمع كالدّود ينخرون جسد الوطن فكيف له أن يُعافى حتّى و إن بترنا الورم ؟ لا، الجسد لن يتعافى بهكذا سرعة، تُرانَا تعجّلنا و ظنّنا أنّنا شُفينا بإستنشاقة أوّل نفس للحريّة. نعم قد نكون هدمنا صنم الخوف لكنّنا لا لم نبني حريّتنا إلى اليوم، نحن إلى اليوم نتخبّط في أهوائنا، كلّ يجذب إليه و يرى الوطن بعين الشّهوة..
هل سنقبل اليوم من يستغفلنا و بُوهمنا أنّنا لسنا كفؤا لهذه الهِبة الربّانيّة "الثّورة" ؟ هل ستنطلي علينا حيلة القوم المتنكّرين العائدين من الشبابيك ؟ هل نُصدّق يوما من كذب علينا دائما و باع نفسه لمن سرق الوطن دهرا ؟ هل نمدّ أيدينا لأيدٍ لُطّخت بدماء الشّرفاء من بني الوطن ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...