الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

¤ في ظلال سورة "الشّرح" ¤


هذه الخاطرة ليست تفسيرًا فأنا لا أدّعي علمًا و لا أملك الوسائل لألج بحار هذا العِلم. إنّما هي خاطرة من بـاب "إقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل" -كما جـاء في وصيّة أب محمّد إقبـال لإبنه. هذه الوصيّة الغالية الّتي جعلته يقرأ القرآن كما لم يقرأه أبدًا !
أن تقرأ القرآن كأنّه أُنزِلَ عليك أنت الآن يعني أنّك تعيش في أفيـاء كلّ كـلـمـة، الكلمة الّتي تُـلامـس فُـؤادك و تُـثـير شجونك و تتفتّحُ بها روحك، روحك الّتي  تحتضنها الكلمات و تدثّرها و تمسح عنها الضّيقَ و الحَـزَنَ.

هـا هو الله يذكّرنا أنّه ، وحده عزّ و جلّ - في تلك اللّحظات العصيّة الّتي نظنّ فيها أنْ لا مخرج و أنّ الدُجَـى بلغ مُنتهاه فنغرق في بئر أحزانٍ بـلاَ قرارٍ ! - وحده سبحانه و تعالى يَرفعنَا من ظلمة الغسقِ بـلُطفِه فينبلج صُبحٌ به يُشرَحُ الصّدر و تتبدّد المخاوف و الأحزان. إنّه آذان قُدرة العزيز يصدحُ في النّفسِ فيُزلزل الأهوال و يدكّها دكًّـا ! فتنهض الرّوح المقصومة المُنقِضُ ظهرها المشـاكل و الخُـطوبُ.
و الله من يُعلّي شأنك و يفتحُ لك أبواب القلوبِ فتُرفعُ درجاتك و أنت الضّعيف الّذي ظننت أنّك إنتهيت و أنّك هَـبَـاءٌ في هذا الكون الفسيح. آه مـا أكرمه إله ! مـا أحنّه من وليّ ! نِـعْـمَ المَـولـى و النّصيرُ أنت يــا ربّ !
ثمّ يأتي التأكيد بحرف التوكيد "إنّ" و التّكرار، تكرار المُعرّف "العسر" مُقابل تكرار النّكرة "يسر". و القاعدة العربيّة تقول هنا أنّه إذا تكرّر المعرّف فهو ذاته، أمّا إذا تكرّر الإسم النّكرة فهو غيرُ الّذي ذُكِر أوّلًا. و هنـا إشارة لنا أنّه ما أصابنا من ضيق إلّا و تعقُبه بحبوحة الفرج. لا ظلام من غيرِ نورٍ يلوح في الأفق، قد لا نراه بدايةً لكنّنا سنبصره يومًا، سننتصر لـضعفٍ حينما تُنصـت الرّوح للوعدِ الحقّ و تفهم أنّ العسْر يأتي بمعيّة اليُسر. الضّيق يأتي لـيُعرّفَ لك السّعة و يُعلّمك كيف تحيا.
و حتّى تفهم هذا و تمتلئ روحك به و تصبر و تثبت في طريق الشّوك جازمًا أنّه مُنتهٍ بنصرٍ، بنجاح، بفرح....يُلملم الجراحات، يجب أن تتدرّب الوقوف على باب الكريم دونما ضجرٍ و لا فتور. متى فرغت من شغل يومك و رواحك و سعيك، عُـدْ إليه فمنه القوّة نستمدّ و منه القوت الّذي به نواصل الرّحلة. ارغب إليه و فيه، هو المَـلْـجأ و الصّاحبُ في السّـفـر. إذا استشعرنا قُربه  هَـان كلّ أمر جَـلَـلٍ 




Des fois tu lis le Coran ce n'est qu'une histoire, des fois tu lis le Coran et c'est ton Histoire. Tu comprendras le Coran quand ton coeur sera marié à ton intelligence." 

Tariq Ramadan


في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه و سلّم قال: "إنّ هذا القرآن مأدبة الله فأقبلوا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل الله و النّور المبين و الشّفاء النّافع، عصمة لمن تمسّك به، و نجاة لمن اتّبعه، لا يزيغ فيُستعتب، و لا يُعوّج فيُقوّم، و لا تنقضي عجائبه و لا يخلق من كثرة الردّ، اتلوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته كلّ حرف عشرة حسنات، أمّا إنّي لا أقول لكم "آلم" حرف، و لكن ألف حرف و لام و ميم" رواه الحاكم

و في وصيّة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لأبي ذرّ "عليك بتلاوة القرآن فإنّه نور لك في الأرض و ذخر لك في السّماء" رواه ابن حيّان في حديث طويل

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه: "الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة، و الّذي يقرأ القرآن و هو عليه شاقّ له أجران" رواه البخاري و مسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مُروركم يُسعدني.. :)

دليلُ محبّتكم الفعّالة لطفلكم في عامه الأوّل

لأنّكم رفاق العُمر قبل بدايته، لأنّكم الأرض الأولى التي يزرع فيها الطفل خطواته، لأنّكم من ترمون حجر الأساس في بناءِ الرحلةِ الذي ترجون ك...